الرد على من طرد القول في الصفات على القول في الذات
اعلم رحمك الله أن الصفات الخبرية عند الحشوية هي الصفات التي لا مجال لإدراكها إلا بالنقل، أي لا مجال للعقل لأن يتفرد بإدراكها باي حال من الأحوال، فليست هي من باب الواجب عقلا فتلزم، ولا من باب الممتنع عقلا فتستحيل، فلزم أن تكون من باب الممكن عقلا لزوما.
وهي ليست من باب مطلق الكمال المتعلق بوجوده في نفسه فتكون لازمة أو إيجاده لغيره فتكون لازمة أيضا. [أي لا تعد من باب الكمالات الواجبة لوجود واجب الوجود في نفسه أو إيجاد لغيره ]
ولزم ألا تكون من باب النقص أو مشعرة به، لأن النقص يناقض الكمال، ومحله سبحانه غير قابل للنقص فهو كمال في كمال، فإن أشعرت بنقص امتنعت عقلا وخارجا.
فإن تصورنا تأصيل هذه الصفات [ ونحن نسميها صفات تجوزا على ما بينا قبل ] التصورَ الصحيح علم أن ثبوتها العقلي ظنيٌ لا يقطع بوجودها أو عدمها ما لم تشعر بنقص أو كانت نقصا صريحا على ما قدمنا فتمتنع لزوما.
فإن ظهرت هذه المقدمة على ما هي عليه كمسألة كلية لابد عند الإسقاط أن نفرق لزوما بين ما وجب بالعقل وجاء النقل ليصدقه وهي سائر الصفات التي وجبت له سبحانه قطعا، وبين ما لم يجب بالعقل وجاء النقل به [ هذا مع التسليم أن النقل في الباب قطعي، وإلا سيأتي تفصيل الباب لاحقا بما يعضد ما نؤصله في هذا المقام فنبين أن جل ما ورد في الباب إما هو أسلوب من أساليب العرب في لسانها، أو من باب الثبوت الظني في سندها].
هذه وحدها تنسف مذهب الطرد الذي انتهجه من قال إن القول في الصفات هو عين القول في الذات.